عندما كتبت الموضوع الاول قبل ستة أشهر تقريبا  لم أكن أتخيل أنني سأنجح بل كنت أعتقد أن محاولتي لانقاص وزني هذه المرة ستكون محاولة فاشلة تضاف لعشرات المحاولات الفاشلة التي فعلتها في السابق. كنت مكتئبا متضايقا أحاول الابتعاد عن نقاش الوزن لانني كنت غير مرتاح في جسدي. بدأت المشاكل تظهر بعد سنين من الاكل السيء وزيادة الوزن المتلاحقة وتغيرات فسيولوجية في جسمي أفقدتني القدرة على الاستمتاع حتى بطعم الاكل الذي اشتريه!

دعونا نرجع للماضي القريب قليلا ففي صيف عام 2013 قررت أن ابدأ حمية قاسية جدا. حضرت مؤتمرا عن الحمية في كندا ألقاه طبيب أمريكي اسمه Joel Fuhrman وهو من الاطباء الذين يؤمنون بأن الحمية الافضل هي الحمية النباتية بشكل كامل. لا لحوم، لا حليب ومشتقاته، لا اجبان لا ملح، لا خبز، لا سكر. فقط خضروات وفواكه ومكملات غذائية.

الدكتور في معرض نقاشه لنظريته قال ان هذه الحمية هي اكثر حمية صحية في تاريخ الحميات وأن من يطبقها سيعيش صحيحا وبنشاط متواصل لا ينقطع وأكثر من هذا لن تصيبه الامراض لأنه يعتمد على أصل الحياة وهي النباتات.
عرض في محاضرته عشرات بل لن ابالغ ان قلت مئات الابحاث التي تثبت نظريته وبدأت القاعة بالتصفيق الحار. جلب الرجل حالات ساعدها على التخلص من اوزان ضخمة بل تغيرت الوان بشرتهم واصبح شكلهم أجمل!

قررت في داخل نفسي ان حياة بدون الوصول لاهداف هي حياة لا تستحق العيش . أن أكون بدينا دون سبب هو أمر يدعو للحزن والضيق والحسرة. خصوصا أن الحل أمامي! حمية نباتية وانتهينا. أو هكذا كنت أظن.

عندما عدت للرياض ذلك الصيف بدأت فورا بالاعداد للحمية وحددت الساعة الخامسة فجرا من يوم السبت ال 15 من June 2013 ليكون الانطلاقة نحو الجسم الذي أتمناه فأنا سئمت من الضرر الذي ألحقته بنفسي.

لن أنسى الدقائق التي قادت لذلك اليوم ما حييت. فقد أقسمت على المصحف أنني لن أتراجع وسوف ألتزم بحميتي كما كتبتها حرفيا. جاءت الساعة الرابعة فجرا فاشتريت الاشياء التي اعتدت على اكلها ووضعتها في غرفتي لانني سآكلها لأخر مرة قبل هذه الحمية. الحلويات والتشيبس واللاتيه والسكريات بانواعها. ظللت اكل بشكل شره حتى آخر ثانية من يوم الحرية الاخير.

دقت الساعة الخامسة فجرا وبدأت الحمية وشعرت بحماس منقطع النظير. اول الايام كانت عذاب حرفيا ولكنني يستحيل علي أن أعود فقد أقسمت على المصحف والموت أهون عندي بل هو الطريق الوحيد ولن اتراجع ابدا فهذا قسم لا رجوع عنه ولولا ثقل هذا القسم لما استمريت في الحمية. صدق أو لا تصدق لقد كنت نباتيا بشكل كاااامل لمدة اربعة اشهر. اللذة الوحيدة في اليوم هي كأس شاي بملعقة سكر واحدة بعد المغرب. غير هذا كنت اكل فواكه وخضروات ولوز ومكملات غذائية اشتريتها من موقع الطبيب الامريكي Joel Fuhrman.

وحدثت المعجزة! خسرت خمسين باوند (٢٧ كيلو) خلال أربعة أشهر. كل من عرفني أثنى على نجاحي الكبير. لقد كسرت حاجزا لم اكسره طوال حياتي. لقد كنت فخورا جدا. خرجت انا واصدقائي الى مطعم وكسرت الحمية بعد اربعة اشهر بوجبة هندية في مطعم الصيف الهندي 

توقع مالذي جرى بعد ذلك؟ بعد هذا النجاح الكبير وانتهاء الخوف من كسري لقسمي العظيم عدت لاكل كما كنت اكل في السابق ولاحظت ان وزني لا يزيد فظننت انني فعلت المستحيل وأصابني الغرور. اصبحت اكل كما اشاء وقتما اشاء كيفما اشاء كلما اشاء. استمر الحال حتى ال 18 June من عام 2017 عندما أدخلت طوارئ المستشفى لانني لم اعد ارى من عيني اليسرى وفقدت الاحساس بذراعي اليسار.

لقد ارتكبت خطيئة في حق جسدي تسببت في تنويمي في المستشفى في الطوارئ تحت رعاية فريق الجلطات stroke code .

أود أن أشكر فريق الطوارئ في مدينة الامير سلطان الطبية على عنايتهم بي ومساعدتهم لي وفقهم الله جميعا. وقبل ذلك أشكر الله الذي ألهمني أن أصلح حياتي بعد هذه الحادثة.

بعد هذه الحادثة بدأت البحث واستشرت احد اخوتي الذي حقق نجاحا باهرا في حميته. بحثت في المجلات الطبية والكتب حتى وصلت للنتيجة التي كنت ابحث عنها. بدأت نظام غذائي جديد كليا والتزمت به تماما وحرفيا بسببه بعد الله نزلت أكثر من ثلاثين كيلو خلال الخمسة اشهر الاولى واختفت جميع الاعراض المرضية التي اصابتني. لقد انقلبت حياتي تماما. والله لو علمت بأنني سأشعر بهذا الرضى والاطمئنان لكنت فعلت هذا النظام منذ زمن سحيق. ولكن قدر الله وما شاء فعل.

هذا مثلا جدول بسيط للتغيرات الفسيولوجية بعد هذا النظام العذائي. ارجوكم ان تدعوا لي بالسداد والتوفيق والاستمرار وتقولوا ما شاء الله لا قولة الا بالله.

مفهوم كلمة “رجيم” مغلوط عند ناس كثيرين

المقصود منه ليس نظام قصير المدى بغرض إنقاص بضع كيلوجرامات على الميزان!

إنما هو نمط حياة متوازن تستطيع الإستمرار عليه مدة الحياة

و دائماً و أبداً الميزان لا يعني شي

لأن كثيرين يخسرون عشرات الكيلوجرامات و في الأخير غالبية خسارته هي من عضلات جسمه!

فـ المحصلة: شكل الجسم “فلم”

الخلاصة
خلوا المرآية مقياسكم .. إذا كان يهمكم شكل الجسم

أما لعشاق لغة الأرقام .. خلكم مهوسين بالميزان

Facebook Comments